بين يديك أوراقٌ تنبت من شجرة التاريخ..
مفكّرةٌ هي بألوان العمر، وعَبَقِ الهدف، وذائقة الجبهة، تتردّد أصداؤها بضحكةٍ ساطعة وَشَهقةٍ كَتُومة.
ذكريات تبدأ ببراءة الاندفاع، ولا تنتهي بحركات الفتى الفُكاهيّ، المشاغب، ومحقّق الإنجازات في آن
فالشاهد هنا يشبّ بين المحاور، ليمتلئ بها مع الجراح الحارقة حيويةً وخلوصًا وانتصارًا، إذ يتلوّن غبار الملاحم بشعاع الشمس، وتنهمر قطرات الشتاء في أحياء وطن فُرِضَت الحرب عليه، فامتزج الثلج بدماء صفوة أبنائه.
وبينما تجولُ مع السيد "نور الدين العافي" في فضاءات المكان، تدهشك غزارة التجارب لفتى دون العشرين. وتتنفس رئتاك أَمْنًا مع حنان الوالدين، واتّحاد الرفاق، وصدق العهد في قلب المشاهد المُشَوّقة. ثم يكتمل السَّردُ والحوارات، دون تركيب خيالي أو اختراع صراع أو حبكة.
لكأنه "بثٌّ حيّ" بمنتهى البساطة، من عمق الوجدان، يضجّ بالحب والقيم الكونية الكبرى: البطولة والرحمة والحرية..
لن يملّ مطالعةَ الكتاب، إن غاص فيه، منْ تحاكيه المقالبُ اللطيفة الممتعة، ومن تُشفيه صورة الصبر في المعاناة، ومن يتأمل في مبعث السلوك الإنساني الفطري، المدافع بنهم عن الحياة بمعناها الكبير المتّصل بخالقها (عز وجل).